على عضو فعال
الجنس : الابراج : عدد المساهمات : 90 الموقع : ali10_gygy@yahoo.com العمل/الترفيه : السباحه العمر : 33 تاريخ التسجيل : 17/05/2009
| موضوع: ساعديني للرحيل ... ( قصة قصيرة ) الخميس مايو 21, 2009 12:08 am | |
| ساعديني للرحيل
((لعلنى الأنَ أشعرُ بماضىَّ الحزين، عندما أفكرُ فى كلماتكِ لي.. لعلنى أقرأ تاريخ حبى العاثر ، فيحولُ الأسى بينى وبينَ ما كانَ موصولاً من الأفكار ، وتستحيلُ حالتى إلى العبثْ .. أو ربما الفراغ النفسى ، ذلك الذى يجعلها وهى نفس خاوية على قدر ما يموجُ بها ، أو كالورقة المحترقة من رمادها ، لا تمسكُ بها يداً إلا وتحولتْ هباءً منثورا..ربما أكونُ كذلك ، أو أكثر من ذلك ، ولكنَّ يأسى من الكلام والبوح ، كيأسى من الحب ، كيأسى من معنى حياتى التى ليسَ لها معنى ، ربما أكون كذلك ، ولكننى يقيناً لا أستطيعُ الحبْ ،ولا أريدُ التماس الأسباب إليه . بل لا أريدُ أن تقِعَ عيناي على تلك الكلمة التى أُبغِضُها فى أعماقى أشد البغض ، وأرحمها فى نفسى من نفسى ، فلا أرانى غيرَ أنى أحبها أكثر من معناها .. تناقضات كثيره ، ومُمنازعاتٌ أكثر تعيشُ فى داخلى ، وبرغم منها أحاولُ جاهداً أن أُمثِّلُ على نفسى ، وأطبعُ وجهى على غير ما تخفى الحنايا ، فلا أظهرُ إلا بصورة الفتى المرِح المنطلق السعيد ، أما إذا خلوتُ وليسَ بينى وبينَ حزنى القديم وجُرحى الدامى شيىء .. تلاقى ثلاثتُنا ، أنا بصمتى والحزنُ القديم تُلقى بهِ الروح من أمرِ ربى ، فيخلعُ الأكفان عن منكبيهِ ويقوم من وحشةِ الجُدثْ ، والجرحُ الدامى كان وقد أشرفَ قبل ألأن على قليلٌ من الراحةِ والسكون، حتى عادَ بتلاقينا إلى صورتهِ الأولى نزفاً ودماً ، ولم أبدو أمام أحدٍ قط بحالتى تلك طوال سبع سنواتٍ ماضية ، إلا عندما تفرَّستْ عيناكِ فى وجهى ، وراحتْ تستكشِفُ فيهِ ، وتتبعتْ دروبى ، وتعمقت فى أعماقى حتى المنتهى ، وهذا كله لأنكِ تعشقين ، ويُزِيْبُكِ الحبُّ فيَّا حدَّ الامنتهى ،فانفسحتْ لكِ خبايا ما تحملُ نفسى ، لتطلعينَ على شقائى وحزنى وتسأليننى : (لماذا تُبدى غيرَ ما تُحاولُ بكل ما أُتيتَ من جَهَدٍ أن تُخفيهِ فى أعماقك ، فتتكلفُ السعادة والمرح ، وأنتَ على غيرهما حزناً وشقاء؟؟؟ )...... سألتنى وكنتُ قبلَ هذا أرى أنَّ زمامَ أمرى فى يدى ، وأنهُ ما تفلَّتَ منهُ ما يُنبِىءُ عن حالتى وحقيقتى... حتى رأيتُنى وأمرى يُحيطُ بي ، فلا زماماً يمسكهْ .. ولا يدىً تقوى على الأمساكِ به ، وأنا منه كالغريقْ وسطَ ماء البحر ، يتخبَّطَُ بيديهِ .. بكلتا يديهِ . مُصارعاً الماءَ والخوفَ والموتْ ، فإن أذعنَ للموجِ هلكْ ، وإنْ صاحَ عالى الصوتِ ، كان له فى ذلكَ أملاً فى النَّجاة . هذا أنا مما أخفيهِ عنكِ وعن الناس ، أو مما كنتُ احسبُنى مُخفيِهِ .. فهل بعد سؤالكِ هذا أستطيعُ إلى النكرانِ سبيلاً ؟؟ وأنا وسط أمواج الحزن العاتيةِ العالية ، وأنتِ على مسمعٍ ومرآىً من صياحى فى أعماقى ، وضربُ الموجِ بيدىَّ الساكنتينْ؟!! لماذا ونحن فى ساعاتِ العملِ الممتدَّةِ فى الفندق ، تختلفُ عيناكِ إلىًّ كلما كانَ مرآىَ فى المستطاع ، لتُهدي لي باقةُ وردٍ من ثغرُكِ الباسم ، وخديكِ المُتَّشِحُ بلونهِ الأحمر ؟! ولماذا جئتِ لزيارتى مع الزملاء عندما علمتِ أن غيابى عن العمل ما كانَ إلا لسوء حلتى الصحية ، وعندما نهضوا بالأنصراف بقيتِ أنتِ إلى جانبى ، تقدمينَ لي الماء والدواء ، وتصنعينَ لي بيديكِ الحساء ، وبيديكِ أيضا تضعينَ فوقَ رأسى الكمَّادات ، وقد علِم الجميعُ بعدها أنَّ اهتمامكِ بي قد خرجَ عن طور الزمالة والصداقة ، ولما عُنِيتْ بكِ زميلتُنا نشوى أخبرتها أنكِ تحبيننى حباّ جمَّا ، فماذا أملك لكِ ايذاء ما تقدمينَ لي ؟ أَأُحبُّكِ وأنا لا أستطيعُ الحب ؟؟ وهل أحبكِ من أجل ما سلف... ما كنت لأحب وانا على يقينى بسبب الحب ، هذا الذى لايأتى بسبب ، ولا أستطيعُ أن أردَّ يديكِ الممتدَّةِ نحوى بالحبِ وهى خائبة الرجاء ، لأنى عرفتُ الحبَّ قبل هذا ، وعرفتُ كيف يكون الألم والأسى والضياع والحرمان ، وأُشفِقُ عليكِ ، وعلى وجِهِكِ النضِرِ الباسم السمح من أن يُصيبه الذبول والعبس ، وأنتى كما أراكِ فى قلب الربيع . كل هذا أحمله لكِ فى جوانحى ، وأخشى عليكِ منه أشدَّ الخشية ، فلا أستطيعُ أن أرفُقَ بنفسى من التبغِ والشرابِ ، إلا لانكِ استحلفتى إلا أُكثرْ ، وألاَّ أتمادى فى السهر . إلا لأنكِ أخذتِ عندى عهداً وميثاقاً غليظاً ألاَّ أسهر ، للدرجة التى جعلتكِ تتخلفينَ الى منزلى كل مساءٍ . وبعد أنتهاء العمل ، لتقفينَ على تنفيذ العهد كما هو ، كل هذا وأنا أفِرُّ منكِ ، ولا أرى أين وِجهتى وطريقى ؟ أفِرُّ منكِ فى نفسى فلا اُرِيِدُها أن تهمِسُ لي بشيىءٍ منكِ ، أفِرُّ من بيتى نحو الشاطىء كى لا أراكِ على هذا المقعد ، هذا الذى جلستِ عليه ذات يوم وأنتِ فى منزلى ، وأفِرُّ حتى من رِباطِ العُنُقْ ، هذا الذى كنتِ أهديتِهِ لي ذاتَ مساء ، فعلقته فى باب دولابى ، وما فتحتُهُ لغرضٍ ما ووقعَ نظرى عليهِ ، إلا ونكستُ رأسى وأغضيتُ نظرى عنه وأنا امامه ، كما هى صورتى وأنا امامُكْ ، حتى وانا على شاطىء البحر فراراً من منزلي، لا أدرى لماذا أتَلَفَّتُ ورائى ويمينى ويسارى ، كأنكِ تُطلِّينَ علىَّ من وراءِ الغيبْ ، وإن ترآى لي شبح أمرأة أو فتاةٍ مقبلةً نحوى .. هممتُ بالأنصراف واستأناف الفرار ، ولما أعيتنى وسائلى الفاشلةُ فى الفرار ، واستحكمتْ حلقاتُ الوصلِ والأتصال ، وكنا يوم التقينا على درب المصافة ، وانا الهاربُ منكِ وسألتينى : ( إلى أينَ أنتَ ذاهب ؟.. هل إلى المرقص وزُجاجة الشراب؟ .. أم إلى الفتاةِ الفرنسية المعجبةِ بكَ فى الفندق؟؟ )........ وكنتُ قد نسِيتُ أن أُخبركِ انى لم أعدْ ألقاها ولا رؤيتها ، وأعجبُ من أمرى أشدَّ العجب !! لماذا أريدُ أن أُخبركِ بذلك ؟؟ وأنتِ بالتحديد !! غير أنها خشيتى عليكِ ، ورفقى بقلبكِ من أن يصيبه الهم والإنفلاقْ .. فأُجيبُكِ يومها بأنى لا أدرى إلى اينَ تسيرُ بي أقدامى . ولا أدرى لماذا أذعنتْ لكِ خطواتى ليلة أمس .. عندما أنتهى عملنا بالفندق وخرجنا معاً .. وكنتُ معكِ كطفلٍ صغير ، كنتِ الأقوى عندما جذبتْ يداكِ يدي واتجهنا نحو البحر ، وهناك ... هناك .. على الشاطىء تبادلنا الحديث الى أن قلتِ لي ( أما تُريدُ أن تُفضى إليَّا بحزنِكْ وسرُّهُ الدفين ، وأنتَ تعلم كم أشقى بكَ وبحبَّكْ ) ......... وكانت أولُ مرة تقولينَ لي فيها كلمة الحب صراحةً ودون اى تلميح ، ولما غالبْتُ دموعى أمامُكِ وغلبتنى فبكيتْ .. وضممتينى إلى صدركِ فزداد بكائى أكثر ، وعلى نحيبى أكثر ، وأنتِ تارةً تُكفْكفينَ دمعى بيديكِ ، وتارةً أخرى تضمينى إليكِ ، وبشاشة وجهُكِ وابتِسامُكِ لي ، يقطعانِ عن عينى غيامة البكاء ، وأخذتُ بعدها فى سرد قصتى وإخفاقى فى الحب ، ثم خشيتى عليكِ منه ومن عذابه المرير المُمِضْ ، ثم غزونا الخطى نحو المنزل .. منزلي ، وهناك.. أسفرتى بما لا تُسْفِرُ عنه المرأة إلا لزوجها ، وتضاجعنا ، فكان مغزاكِ مما تفعلينه معى أكبر بكثير من مظهر الرذيلة ، وأنَّ ما فعلتيه معى ما كان إلا لحتوائى ، ،وكان لكِ الفضل فى أنى قد ثمِلتُ قليلاً مما فعلنا ، فنسيتُ دنياى وهى من حولى وحسِبتُ أننا وحدنا هذا الوجود فى صورةِ آدمَ وحوّأءْ ، ولما أقبلَ الصباح .. وفارقتينى على أن نلتقى بالفندق حيثُ العمل ، جلستُ أُفكرُ فى امرى معكِ ، وعشقُكِ لي ، فلم أرى غيرَ ما رأيتُهُ قبلاً ، وعرفتُ أنى لا أستطيع الحب وأن وما لدىَّ من القلب لا يحتمل غير رمق العيش الذى أحيا به ، ولا أستطيعُ إن أحببت أن أوفيكِ حقُك من الحبْ ، رغم علمكِ بجملة حالي ، ورضاكِ عن احتمالِ المكروهِ من أجلي ، رغم كل هذا ... وجدتُ نفسى مذنبة ، وعليه.. فأقمتُ لها المحكة ، واستمعتُ إلى الشهود .. واطلعتُ على الأدلة التى أدانتنى أكثر مما أنصفتنى ، بأنَّ شقائُكِ وتعاستُكِ التى تحملينها فى أعماقِكِ ، وتُبدينََ غيرهما من السعادةِ والبشاشةِ فى وجهى كما كنتُ قبلَ حبُّكِ لي ، ما كانتْ وما أتتْ إلا بسببى ، وكان الحكمُ عندما قضيتُ على نفسى بعد اليأسِ بلأنتحار لأنها اذنبتْ ، وفكرتُ أنه سوفَ يقتلكِ حزناً وكمداً عليْ ، وفكرتُ أيضاً أنه بعدَ أن أصيرُ إلى زوالٍ وفناء ، ستنسينَ وجهى ومعالمى وتاريخ أيامى معكِ ، وتجدينَ قلباً قادراً على الحب والأخلاص والفداء والوفاء والتضحيه ، وأنا ألأن ذاهبٌ إلى البحر كي يطهرنى من ذنوبى التى أجترمتها نفسى فى حقكِ ، وكى يحملنى بعدها الموجُ جسداً طاهراً من الذنوب فى الحب .. فعذراً لأنى لن أكون )). وكانت الفتاه قد وجدت هذه المذكرات فحملتها معها وما بقى لديها من بقايا الروح التى تتردد فى جسدٍ عليل وخرجت نحو البحر ، وبعد أيام وجدو جثتها وأوراق متناثرة ، فحملت ودفنت إلى جانبه .
| |
|